الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال السمرقندي في الآيات السابقة: قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حديث الغاشية}هل استفهام، واستفهم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم، ولم يكن أتاه بعد، فكأنه قال: لا يأتيك خبره، ثم أخبره.ويقال: معناه: قد أتاك حديث الغاشية، والغاشية اسم من أسماء يوم القيامة، وإنما سميت غاشية، لأنها تغشى الخلق كلهم.كما يقال: يوماً كان شره مستطيراً، ويقال: الغاشية النار، وإنما سميت غاشية، لأنها تغشي وجوه الكفار.كما قال: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا موسى بأاياتنآ أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظلمات إِلَى النور وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله إِنَّ في ذلك لآيات لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم: 5] أو كقوله: {يوم يغشاهم العذاب مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقول ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [العنكبوت: 55] ويقال: {الغاشية} دخان النار، يخرج من النار يوم القيامة، عنق من النار، فيحيط بالكفار مثل السرادق، ويجيء دخانها، فيغشى الخلائق، حتى لا يرى بعضهم بعضاً، إلا من جعل الله تعالى له نوراً، بصالح عمله في الدنيا كقوله: {كَأَنَّهُ جمالة صُفْرٌ} [المرسلات: 33] وكقوله: {وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ} [الواقعة: 43] ويقال: تغشى الغاشية الصراط المنافقين.كقوله: {يوم يَقول المنافقون والمنافقات لِلَّذينَ ءَامَنُواْ انظرونا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارجعوا وَرَاءَكُمْ فالتمسوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرحمة وظاهره مِن قِبَلِهِ العذاب} [الحديد: 13] الآية.ثم وصف ذلك اليوم وقال: {وُجُوهٌ يومئِذٍ خاشعة} يعني: من الوجوه، وجوه يومئذ خائفة، ذليلة في العذاب. وهي وجوه الكفار.ثم قال: {عاملة} يعني: تُجَرُّ على وجوهها في النار {ناصبة} يعني: من تعب وعذاب في النار.ويقال: {عاملة ناصبة} يعني: تكلف الصعود على عتبة ملساء من النار، فيرتقيها في عناء ومشقة، فإذا ارتقى إلى ذروتها، هبط منها إلى أسفلها.ويقال: نزلت في رهبان النصارى، {عاملة} في الدنيا، {ناصبة} في العبادة، أشقياء في الدنيا والآخرة.ويقال: {عاملة} في الدنيا بالمعاصي والذنوب، {ناصبة} في الآخرة بالعذاب {تصلى نَاراً حامية} يعني: تدخل ناراً حارة، قد أوقدت ثلاثة آلاف سنة، حتى اسودّت.فهي سوداء مظلمة.قوله تعالى: {تسقى مِنْ عين ءآنية} أي: من عين حارة، قد انتهى حرُّها {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ} وهذا في بضع دركها {إِلاَّ مِن ضريع} قرأ أبو عمرو، وعاصم في رواية أبي بكر، بضم التاء {تصلى نَاراً} وقرأ الباقون، بالنصب.فمن قرأ بالضم لمعنى المفعول الذي لم يسم فاعله، ونصب {ناراً} على أنه مفعول ثان، ومن قرأ بالنصب، جعل الفعل الذي يدخل النار، وهو كناية عن الوجوه.ولهذا ذكره بلفظ التأنيث.ثم قال: {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} والضريع نبات بين طريق مكة واليمن فإذا أكل الكفار منه بقي في حلقهم {لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} يعني: غير الضريع {لاَّ يُسْمِنُ} يعني: لا يشبع الضريع {وَلاَ يُغْنِى مِن جوع} يعني: ولا ينفع من جوع، وهذا الجزاء، للذي يتعب نفسه للعمل في الدنيا والمعاصي، وما لا يحتاج إليه.ثم وصف مكان الذي يعمل لله تعالى، ويترك عمل المعصية، ويؤدي ما أمر الله تعالى، ويترك ما نهي عنه فقال: {وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة} يعني: من الوجوه ما تكون ناعمة، يعني: في نعمة وكرامة، وهي وجوه المؤمنين والتائبين، والصالحين.ويقال: {وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة} يعني: مشرقة مضيئة، مثل القمر ليلة البدر {لِّسَعْيِهَا راضية} يعني: لثواب عملها راضية.ويقال: لثواب سعيه، الذي عمل في الدنيا من الخير.يعني: رأى ثوابه في الجنة، {راضية} مرضية، رضي الله عنه بعمله في الدنيا، ورضي العبد من الله تعالى في الآخرة.من الثواب {فِى جَنَّةٍ عالية} يعني: ذلك الثواب في جنة عالية، مرتفعة في الدرجات العلى.وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «إنَّ المُتَحَابِّينَ لله تعالى فِي غُرْفَةٍ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَهْلُ الجَنَّةِ، كَمَا يَنْظُرُ أَهْلُ الأَرْضِ إلَى كَوَاكِبِ السماء».ثم قال عز وجل: {لاَّ تسمع فِيهَا لاغية} يعني: لا يكون في الجنة لغو ولا باطل، وليس فيها غل ولا غش.قرأ نافع {لا تسمع} بضم تاء التأنيث، لأن اللاغية مؤنثة.وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، لا يسمع بضم الياء على معنى: فعل، ما لم يسم فاعله، وإنما ذكر بلفظ التذكير، لأنه انصرف إلى المعنى.يعني: إلى اللغو.وروي عن ابن كثير، ونافع في أحدى الروايتين، بنصب التاء، يعني: لا تسمع في الجنة أيها الداخل، كلمة لغو، لأن أهل الجنة، لا يتكلمون إلا بالحكمة، وحمد الله تعالى.ثم قال: {فِيهَا عين جارية} يعني: في الجنة، {عين جارية} ماؤها أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، فمن شرب منه شربة لا يظمأ بعدها أبداً، ويذهب من قلبه الغل، والغش والحسد، والعداوة والبغضاء.ثم قال: {فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة} يعني: مرتفعة {وَأَكْوَابٌ موضوعة} يعني: الكيزان التي لا عرى لها، مدورة الرأس {وَنَمَارِقُ مصفوفة} يعني: فيها وسائد، قد صف بعضها إلى بعض على الطنافس.{وَزَرَابِيُّ مبثوثة} قال القتبي: الزرابي الطنافس.ويقال: البُسُط واحدها زربي.ثم قال عز وجل: {مبثوثة} أي: كثيرة متفرقة أو مبسوطة، والنمارق الوسايد واحدها نمرقة، والمؤمن جالس فوق هذا كله، وعلى رأسه نور وضاء، كأنهن الياقوت والمرجان، جزاءً بما كانوا يعملون، فإن شك شاك فيها فتعجب، وقال: كيف هذا وهو غائب عنا، فقل انظر إلى صنعة الرب تبارك وتعالى في الدنيا.وهو قوله: {أَفَلاَ ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} يعني: خلق من قطرة ماء خلقاً عظيماً، يُحْمَل عليها، وإنما خص ذكر الإبل، لأن الإبل كانت أقرب الأشياء إلى العرب.ثم قال عز وجل: {وَإِلَى السماء} يعني: أفلا ينظرون إلى السماء {كَيْفَ رفعت} بلا عمد تحتها، وحبست في الهواء بقدرة الرب سبحانه وتعالى.ثم قال: {وَإِلَى الجبال} يعني: أفلا ينظرون إلى الجبال {كَيْفَ نصبت} على ظهر الأرض أوتاداً لها، وليس جبل من الجبال، إلا وله عرق من قاف، وملك موكل بجبل.فإذا أراد الله تعالى بأهل أرض شيئاً، أوحى الله تعالى إلى الملك الموكل بذلك الجبل، فيحرك تلك العروق، فيتزلزل.ثم قال: {وَإِلَى الأرض كَيْفَ سطحت} يعني: بسطت على ظهر الماء.ثم قال: {فذكر إِنَّمَا أَنتَ مذكر} يعني: فذكر يا محمد صلى الله عليه وسلم وخوفهم بالعذاب في الآخرة {إِنَّمَا أَنتَ مذكر} يعني: مخوفاً بالقرآن {لَّسْتَ عَلَيْهِم بمسيطر} يعني: بمسلط تجبرهم على الإسلام، وهذا قبل أن يؤمر بالقتال.وقال مقاتل: في الآية تقديم يعني: فذكر {إِلاَّ مَن تولى} يعني: أعرض عن الإيمان {وكفر} بالله تعالى: {فَيْعَذّبُهُ الله العذاب الأكبر} فيدخله النار، وهو العذاب الأكبر الدائم، وهو عذاب النار، حرها شديد، ومقرها بعيد، ومقامها حديد.قوله تعالى: {إِنَّ إِلَيْنَا إيابهم} يعني: إن إلينا مرجعهم بعد الموت {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حسابهم} يعني: إن مرجعهم إلينا بعد الموت {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حسابهم} يعني: يحاسبون بكل صغيرة وكبيرة، وقليل وكثير كما قال: لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، إلا أحصاها.ويقال: {إن علينا حسابهم} يعني: جزاءهم بأعمالهم، يعني: ثوابهم بما عملوا، والله أعلم بالصواب. اهـ..قال الثعلبي: سورة الغاشية:{هَلْ أَتَاكَ حديث الغاشية}يعني القيامة يغشي كلّ شيء إلاّ هو، هذا قول أكثر المفسّرين.وقال سعيد بن جبير ومحمّد بن كعب: {الغاشية} النار. دليله قوله سبحانه: {وتغشى وُجُوهَهُمُ النار} [إبراهيم: 50].{وُجُوهٌ يومئِذٍ} يعني يوم القيامة، وقيل: في النار {خاشعة} ذليلة {عاملة ناصبة} قال بعضهم: يعني {عاملة} في النار {ناصبة} فيها، قال الحسن وسعيد بن جبير: لم تعمل لله سبحانه وتعالى في الدنيا، فأعملها وأنصبها في النار لمعالجة السلاسل والأغلال، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس قال قتادة: نكرت في الدنيا من طاعة فأعملها وأنصبها في النار.وقال الكلبي: يُجرّون على وجوههم في النار. الضحّاك: يكلّفون ارتقاء جبل من حديد في النار، والنصب الدؤوب في العمل.وقال عكرمة والسدّي: {عاملة} في الدنيا بالمعاصي، {ناصبة} في النار يوم القيامة.وقال سعيد ابن جبير وزيد بن أسلم: هم الرهبان وأصحاب الصوامع، وهي رواية أبي الضحى عن ابن عبّاس.{تصلى نَاراً حامية} قال ابن مسعود: تخوض في النار كما تخوض الإبل في الوحل.قراءة العامّة بفتح التاء.وقرأ أبو عمرو ويعقوب وأبو بكر بضمّها اعتباراً بقوله: {تسقى مِنْ عين آنية} حارّة.قال قتادة: قد أتى طبخها منذ خلق الله السماوات والأرض.{لَّيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلاَّ مِن ضريع} قال محمد وعكرمة وقتادة: وهو نبت ذو شوك لاطي بالأرض تسمّيه فرش الشرق، فإذا هاج سمّوه الضريع، وهو أخبث طعام وأبشعه، وهي رواية العوفي عن ابن عبّاس، الوالي عنه: هو شجر من نار، وقال ابن زيد: أمّا في الدنيا فإنّ الضريع الشوك اليابس الذي ليس له ورق، تدعوه العرب الضريع، وهو في الآخرة شوك من نار.وقال الكلبي: لا تقربه دابّة إذا يبس، ولا يرعاه شيء، وقال سعيد بن جبير هو الحجارة، عطاء عن ابن عبّاس: هو شيء يطرحه البحر المالح، يسمّيه أهل اليمن الضريع، وقد روي عن ابن عبّاس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الضريع شيء يكون في النار شبه الشوك، أمرّ من الصبر وأنتن من الجيفة وأشدّ حرّاً من النار» سمّاه النبيّ ضريعاً، وقال عمرو بن عبيد: لم يقل الحسن في الضريع شيئاً، إلاّ أنّه قال: هو بعض ما أخفى الله من العذاب، وقال ابن كيسان: هو طعام يضّرعون منه ويذلّون ويتضرّعون إلى الله سبحانه، وعلى هذا التأويل يكون المعنى المضرّع.وقال أبو الدرداء والحسن: يُقبّح الله سبحانه وجوه أهل النار يوم القيامة يشبهها بعملهم القبيح في الدنيا، ويُحسن وجوه أهل الجنّة يشبّهها بأعمالهم الحسنة في الدنيا، وأنّ الله سبحانه يرسل على أهل النار الجوع حتّى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون فيُغاثون بالضريع ويستغيثون فيُغاثون بطعام ذي غصّة، فيذكرون أنّهم كانوا يخبزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون بعطشهم ألف سنة، ثمّ يُسقون من عين آنية لا هنيّة ولا مريّة، فكلما أدنوه من وجوههم سلخ جلودَ وجوههم وشواها، فإذا وصل إلى بطونهم قطّعها، فذلك قوله سبحانه: {وسقواْ مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} [محمد: 15].قال المفسِّرون: فلما نزلت هذه الآية قال المشركون: إنّ إبلنا لتسمن على الضريع، فأنزل الله سبحانه: {لاَّ يُسْمِنُ وَلاَ يُغْنِي مِن جوع} ويقول: فإنّ الإبل ترعاهُ ما دام رطباً، فإذا يبسَ فلا يأكلهُ شيء ورطبه يسمّى شبرقاً لا ضريعاً.{وُجُوهٌ يومئِذٍ ناعمة لِّسَعْيِهَا} في الدنيا {راضية} في الآخرة حين أُعطيت الجنّة بعملها ومجازات لثواب سعيها في الآخرة راضية {فِي جَنَّةٍ عالية لاَّ تسمع فِيهَا لاغية} لغو وباطل، وقيل: حلف كاذب.{فِيهَا عين جارية فِيهَا سُرُرٌ مرفوعة وَأَكْوَابٌ موضوعة وَنَمَارِقُ} ووسائد ومرافق {مصفوفة} بعضها بجنب بعض، واحدتها نمرقة.قال الشاعر:{وَزَرَابِيُّ} يعني البسط العريضة.قال ابن عبّاس: هي الطنافس التي لها خمل رقيق، واحدتها زريبة.{مبثوثة} مبسوطة وقيل: متفرّقة في المجالس.{أَفَلاَ يَنظُرُونَ} الآية، قال المفسِّرون لما نعت الله ما في الجنّة في هذه السورة عجب من ذلك أهل الكفر والضلالة وكذبوا بها، فذكرهم الله سبحانه صنعهُ فقال عزَّ من قائل: {أَفَلاَ ينظرون إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت}.وكانت الإبل من عيش العرب ومن حولهم، وتكلّمت الحكماء في وجه تخصيص الله سبحانه الإبل من بين سائر الحيوانات، فقال مقاتل: لأنّهم لم يروا قط بهيمةً أعظم منها، ولم يشاهدوا الفيل إلاّ الشاذ منهم، وقال الكلبي: لأنّها تنهض بحملها وهي باركة؛ لأنّه وليس شيء من الحيوانات سابقها ولا سائقها غيرها، وقال قتادة: ذكر الله سبحانه ارتفاع سرر الجنّة وفرشها فقالوا: كيف نصعد؟ فأنزل الله سبحانه هذه الآية.وسُئل الحسن عن هذه الآية وقيل له: الفيل أعظم في الاعجوبة؟ فقال: أمّا الفيل فالعرب بعيدو العهد بها، ثمّ هو خنزير لا يركب ظهرها ولا يأكل لحمها ولا يُحلب درها، والإبل من أعزّ مال العرب وأنفسه.وقال الحسن: إنّما يأكلون النوى والقت ويخرج اللبن، وقيل: لأنّها في عظمة تلين للحمل الثقيل وتنقاد للقائد الضعيف حتّى أنّ الصبي الصغير يأخذ بزمامها فيذهب بها حيث يشاء.وحكى الأُستاذ أبو القاسم بن حبيب أنّه رأى في بعض التفاسير أنّ فأرة أخذت بزمام ناقة، فجعلت تجرّ بها والناقة تتبعها، حتّى دخلت الجحر فجرت الزمام فتحرّكت فجرته فقربت فمها من جحر الفأر. فسبحان الذي قدرها وسخّرها.أخبرنا عبد الله بن حامد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدّثنا محمد بن العلاء قال: حدّثنا وكيع عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن شريح أنّه كان يقول: اخرجوا بنا إلى الكناسة حتّى ننظر إلى الإبل كيف خلقت.وقيل: الإبل هاهنا السحاب، ولم أجد لذلك أصلاً في كتب الأئمّة {وَإِلَى السماء كَيْفَ رفعت وإلى الجبال كَيْفَ نصبت وَإِلَى الأرض كَيْفَ سطحت} بسطت، وقال أنس بن مالك: صلّيت خلف علي بن أبي طالب فقرأ: {أَفَلاَ تَنظُرُونَ إِلَى الإبل كَيْفَ خلقت} وكذلك {رفعت} و{نصبت} و{سطحت} برفع التاء.وقرأ الحسن {سطحت} بالتشديد.{فذكر إِنَّمَآ أَنتَ مذكر لَّسْتَ عَلَيْهِم بمصيطر} بمسلّط جبّار يكرههم على الإيمان، ثمّ نسخ ذلك بآية القتال وقرأها هارون {بمسيطر} (بفتح الطاء) وهي لغة تميم.{إِلاَّ مَن تولى وكفر} اختلفوا في وجه هذا الاستثناء، فقال بعضهم: هو راجع إلى قوله: {فذكر} ومجاز الآية: {فذكر} قومك {إلاّ من تولى وكفر} منهم، فإنّه لا ينفعه التذكير، وقيل معناه لست عليهم بمسيطر إلاّ على من تولى وكفر، فانّك تقاتله حتّى يسلم، وقيل: هو راجع إلى ما بعده، وتقديره: لكن من تولى وكفر.{فَيُعَذِّبُهُ الله العذاب الأكبر} وهو النار، وانّما قال: {الأكبر} لأنّهم عذّبوا في الدنيا بالجوع، والقحط، والقتل، والأسر، ودليل هذا التأويل قراءة ابن مسعود {إلاّ من تولى وكفر فإنّه يعذّبه الله العذاب الأكبر}.{إِنَّ إِلَيْنَآ إيابهم} رجوعهم ومعادهم.وقرأ أبو جعفر بتشديد الياء، قال أبو حاتم: لا يجوز ذلك ولو جاز فيه لجاز في الصيام والقيام.{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حسابهم}. اهـ.
|